مقصورة استاد الإسكندرية متحف ملكي مفتوح
تشكل المقصورة الملكية في استاد
الاسكندرية الرياضي معلما بارزا في تاريخ التراث المصري بعد أن تحوّلت الى وجهة سياحية و متحفًا
مفتوحًا يوثق تاريخ وثقافة عصر الحكم الملكي من خلال مقتنياتها الفريدة إضافة إلى
بنائها المميز.
ومنذ بنائها داخل استاد الاسكندرية
الرياضي أقدم ستاد في مصر وأفريقيا، والذي
تم افتتاحه في عهد الملك فؤاد الأول عام
1929، وسُمي حينها على اسمه وهي تُشكل ذاكرة تاريخية تروي لزوارها تاريخ حقبة
زمنية مرت بها مدينة الإسكندرية الساحلية .
وتزخر المقصورة المكونة من طابقين بكنوز
ومقتنيات لا تقدر بثمن تركها افراد الاسرة الحاكمة من بينها مجموعة من الوثائق
والصور النادرة وجوازات السفر الشخصية الى جانب تحف وأثاث فاخر، أزرار ونياشين
وأتواك توثق تاريخ تلك الفترة فضلاً عن
مجموعات من الكؤوس والميداليات والإهداءات الدولية من الرياضيين والهيئات
الرياضية.
ويقول الخبير الأثري أحمد عبدالفتاح
المستشار السابق للمجلس الأعلى للآثار تعد
المقصورة الملكية تحفة معمارية نادرة تتزين بها مدينة الإسكندرية حتي اليوم وذاكرة تاريخية لا يمكن أن تُمحى،
تحتفظ بها الأجيال كإرث غالي عبر الزمن بعد أن اقترنت بالعديد من الأحداث العظمى
والمناسبات السياسية والرياضية المهمة التي وقعت في المدينة الساحلية.
ويوضح : مقصورة الاستاد التاريخية في
الإسكندرية تحفظت على الكثير من الذكريات
التي شهدها عهد الملكية في مصر، والتي تمثل أجزاء مهمة من تاريخ مصر الحديث بداية
من الملك فؤاد ومن بعده الملك فاروق والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ما يجعلها
امتدادًا للقصور الملكية والرئاسية في مصر.
ووفقا للخبير الأثري، تحولت المقصورة الملكية ومقتنياتها النادرة الي وجهة سياحية دائمة لزوار الإسكندرية وكأنها متحف متخصص يجسد معالم وتاريخ العصر الملكي فهي تضم العديد من الصالونات الملكية النادرة التي جرى استقدامها من خارج البلاد وكانت تصنع خصيصا للملك، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات الخاصة والصور واللوحات التاريخية ورسومات للتاج الملكي ما يجعلها تشبه القصور الملكية بنسخة مصغرة، كما تضم شرفة مفتوحة تطل على أرضية الملعب، ودرجًا داخليًا يؤدي مباشرة إلى أرضية اللعب.
وعن تاريخ المقصورة الملكية تقول الدكتورة
علا عبد المنعم استاذ
التاريخ والآثار الإسلامية "تم
بناءها لتستقبل كبار الزوار داخل استاد الاسكندرية بمبناه التراثي الذى يزين وسط
المدينة الساحلية فهو الاستاد الوحيد في مصر الذي يضم بين جنباته أثرًا إسلاميًا
يرجع إلى القرون الوسطى وهو جزء من سور الإسكندرية القديم أو ما يسمى
بـ"بوابة الزهري" التي تعود إلى العصر الإسلامي، بخلاف البوابات التي
بنيت على طراز أقواس النصر اليونانية الرومانية.
وتصف " عبد المنعم "
المقصورة بـ " بوابة التاريخ "
التي تنقلك الي الماضي من خلال الاحداث
التاريخية التي شهدتها منذ افتتاح الاستاد واتخذت مكانة رسمية لحضور العائلة المالكة
حيث كان الملك فؤاد الأول، ثم ابنه الملك فاروق الأول دائمي الحضور اليها كما شهدت
إعلان الرئيس عبد الناصر قانون الاشتراكية عام 1964.
وتضيف "استاذ التاريخ " إن
التفكير بدأ لأول مرة فى إنشاء الاستاد فى عام 1910 من خلال مندوب مصر باللجنة
الأولمبية أنجلو بولانكى والذى أراد من خلاله أن تتمكن الإسكندرية من تنظيم أول
دورة العاب أولمبية في مصر، فطلب من بلدية المدينة تخصيص قطعة أرض لبناء الاستاد.
وتذكر ان مهمة تصميم ستاد الإسكندرية
أسندت إلى المهندس الروسي نيكوسوف، فيما كلفت شركة إنشاءات إيطالية بأعمال بمعاونة
عمال مصريين، واعتمد في تصميمه على دمج أشكال من الحضارة الرومانية اليونانية
بالتصميم الحديث لربط الفكرة بالألعاب الأولمبية القديمة.
وتشير "الخبيرة الاثرية " الى
أن الاستاد كان يحمل اسم “ميدان الرياضة البدنية” و افتتح عام 1929، بمباراة بين
الاتحاد السكندري ونادي القاهرة، بحضور الملك فؤاد الأول، وضيوفه في المقصورة
المليكة وسكت ميدالية تذكارية للافتتاح، نقش على أحد جانبيها وجه الملك فؤاد، وعلى
الجانب الآخر بوابة الماراثون.
بدوره يقول اللواء هشام لطفي مدير استاد الاسكندرية تعد المقصورة الملكية الفريدة تُعد من أبرز معالم العصر الملكي في الإسكندرية و من أهم المباني التراثية في عروس البحر الأبيض المتوسط لذلك دائما ما تحظي بالاهتمام الكبير من محافظة الإسكندرية التابع لها الاستاد والآثار بعمل الصيانة الدورية للحفاظ على القيمة التاريخية وابراز معالمها الأثرية.
ويشير مدير استاد الإسكندرية، إلي أن
المقصورة تتكون من دورين، الأول خُصص للملك وضيوفه، والثاني خُصص للملكة والأميرات
، كما يوجد بها جناحان، أحدهما خُصص لأعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية واللجنة
الأوليمبية المصرية وأعضاء الاتحادات الرياضية، والآخر خُصص للوزراء وأعضاء مجلس
البلدية والنبلاء والقضاة.
ويضيف كما تحتوي المقصورة على بهو كبير به
ثلاث قطع
من أطقم
الصالونات ذات
التصميم الملكي لاستقبال الملك
وضيوفه، وملحق
به غرفة
خاصة بها
صالون آخر
كان يستخدم
لخصوصية الملك
وملحق به
حمام.
كما تميزت المقصورة التي صممت على الطراز
الفرنسي بزخارفها المتقنة من بينها الشعار
الأوليمبي باللغة اللاتينية على المدخل و زخارف
على الجدران والاسقف تحمل
الحرف الأول للملك
فؤاد بالإنجليزية
"f" و أخري تحمل شعار
التاج الملكي
وعلم البلاد
في عهد الملكية الهلال و الثلاث
نجوم إلي جانب لوحات ذات
قيمة فنية
عالية لأميرات
وملوك أثناء
ممارسة الرياضة.
ويؤكد " لطفي " ان استاد
الإسكندرية منذ افتتاحه في عهد الملك فؤاد الأول في 17/11/1929 وسمى حينها باسم
استاد الملك فؤاد الأول حمل أيضا أسماء أخرى على مدار تاريخه ومنها "ملعب
الإسكندرية الجديد، ملعب البلدية".
كما يحتفظ بسمعة
عريقة بوصفه واحدا من أقدم 5 ستادات فى العالم، والأقدم في مصر والشرق الأوسط
وإفريقيا بفضل الأحداث الرياضية والسياسية التاريخية التي احتضنها فقد شهد أهم
البطولات العربية والدولية
مثل الدورة الأولى لألعاب البحر الأبيض
المتوسط عام 1951، ودورة الألعاب العربية الأولى، سنة 1953، وبطولة كأس الأمم
الإفريقية الخامسة عشر سنة 1986، ودورة الألعاب الإفريقية الخامسة سنة 1991،
وبطولة كأس العالم للناشئين سنة 1997، بالإضافة إلى البطولة العربية الأولى
للمنتخبات المدرسية فى كرة القدم سنة 1999 وبطولة كأس الأمم الافريقية
الخامسة والعشرون سنة 2006، وأخيرًا بطولة كأس العالم للشباب، سنة 2009.