الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أزمة الأسمدة تنذر بتفاقم التضخم في مصر

كتب :
 أزمة الأسمدة تنذر بتفاقم التضخم في مصر


ارتفعت أسعار الأسمدة في مصر إلى مستويات تاريخية مع ندرة في المعروض من جميع الأنواع مما سبّب رفعا متكررا لتكاليف إنتاج المحاصيل الزراعية مهددا بخسائر فادحة للمزارعين، إضافة لفرض أعباء جديدة على قطاعات كبيرة من المواطنين، خاصة محدودي الدخل.

ويشكو عدد من أصحاب الأراضي الزراعية من عدم صرف حصص موسم الزراعات الصيفية من الأسمدة المدعمة التي قفز ثمنها في السوق الحر بما يقارب 3 أضعاف خلال أشهر، بعد تراجع شركات الإنتاج عن طرح منتجاتها للجمعيات الزراعية والبنك الزراعي بسبب أزمة نقص الغاز الطبيعي وارتفاع أسعار الطاقة عالميًا.

ورغم إعلان وزارة الزراعة العمل، بشكل تدريجي، على حل المشكلة تقدم عدد من النواب البرلمانيين بطلبات إحاطة للحكومة لدعوتها إلى وضع جدول زمني لإنهاء أزمة الأسمدة ومشكلات المزارعين بخطوات وإجراءات وقرارات واضحة ومحددة.

تحذير

حذر تجار من تفاقم معدل التضخم في الأسواق المحلية بعد ارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات إلى حدود قياسية نتيجة عدة عوامل، منها التغيرات المناخية، وارتفاع أسعار الأسمدة وهي زيادات ستلحق الضرر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

وتؤكد المهندسة مروة يوسف، مالكة أراض زراعية في محافظة الإسكندرية (شمالي) على عدم حصولها على حصتها الكاملة من الأسمدة الزراعية للشهر الثاني على التوالي بعد تراجع المقررات الحكومية بالجمعيات الزراعية، وهو ما يهدد المحاصيل الصيفية التي تزرعها.

وقالت  إن أزمة نقص الأسمدة بدأت منذ عدة أشهر إلا أنها الفترة الأخيرة بات وقعها أشد على المزارعين بسبب شح المعروض مما اضطرهم لشراء ما يلزمهم من السوق السوداء (الموازية) بأسعار عالية.

وحذرت من أن استمرار تراجع الدعم الحكومي للأسمدة وعدم وصولها للمزارعين سيؤثّر على مواعيد تسميد الأرض في الأوقات المحددة مما يتسبب في قلة الإنتاج وتراجع مستوى جميع المحاصيل خاصة الصيفية التي تحتاج لكميات كبيرة من الأسمدة مقارنة بغيرها في الموسم الشتوي، وما يترتب على ذلك من خسائر تزيد من أعبائهم.


ارتباك في سوق الأسمدة المصرية والفلاحون فريسة " السوق السوداء"

ويقول نقيب عام الفلاحين، حسين عبد الرحمن أبو صدام، إن قطاع الزراعة يعيش أزمة كبيرة بسبب أزمة نقص ارتفاع أسعار الأسمدة التي تعتبر منتجا إستراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه خاصة في الأراضي القديمة التي تزرع أكثر من 3 مرات في السنة والتي لا تَصلُح بدونها.

وأشار  إلى أن المساعي الحكومية غير كافية حتى الآن لحل أزمة الأسمدة، في ظل رفض شركات الإنتاج الالتزام بتوريد نحو 4 ملايين طن للجمعيات الزراعية والبنك الزراعي، وهو ما قد يتسبب في أزمات أخرى وتداعيات كارثية على القطاع الزراعي سواء بنقص وتراجع حصيلة الصادرات للمنتجات الزراعية أو ارتفاع أسعار السلع بالأسواق.

ونوه إلى أنه في ظل عدم توافر الكميات اللازمة من الأسمدة المدعمة في الجمعيات الزراعية، يلجأ الفلاحون حاليا إلى السوق الحرة التي ارتفعت أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يصل فيها طن سماد اليوريا إلى 21 ألف جنيه (426.84 دولارا) مما يزيد على السماد المدعم بأكثر من 15 ألف جنيه (304.89 دولارات).

وأضاف أبو صدام أن كثيرا من المزارعين في حالة الخسارة سيضطرون إلى تقليص مساحة الأراضي المزروعة، في ظل ارتفاع تكلفة الإيجار وتكلفة الري والأسمدة والآلات الزراعية، وبالتالي سينخفض المعروض من المنتجات والمحاصيل الزراعية وترتفع أسعار المواد الغذائية في الأسواق على المواطنين.

ويري المزارع محمد حشمت القلعاوي أن الأزمة تكمن في سوء توزيع الأسمدة المدعمة والتي تُوَزَّع على بعض المزارعين من دون غيرهم بحسب القرب من المسؤولين، والتي قد تتسرب أيضا لتباع في السوق السوداء بأضعاف أسعارها.

وأكد  أن نقص جميع أنواع الأسمدة وتهافت الفلاحين على الطلب لوقف تدهور الإنتاج زاد من أسعارها 3 أضعاف خلال شهر، لذلك يلجأ غالبية الفلاحين مضطرين إلى الشراء من السوق السوداء التي تختلف أسعارها من مكان لآخر وحسب التاجر والإقبال عليه واحتياجات منطقته.

أسمدة مغشوشة

أما عادل الفلكي وهو مستأجر بغرب الإسكندرية فيقول إن هناك انتشارا لمنتجات الأسمدة المغشوشة، وغيرها من البدائل الأخرى التي يلجأ إليها الفلاح بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل غير مسبوق والتي يتقلص فيها التركيز في بعض أنواع الأسمدة الأحادية السائلة مثل النيتروجين السائل أو اليوريا السائلة، فيضر ذلك بالمحصول ويهدد صحة المستهلك.


وقد ألقت أزمة الأسمدة بظلالها، كذلك على المنتجات الزراعية بالأسواق كما يقول طلعت حمدان، وهو تاجر متخصص في بيع الفواكه والخضراوات بأحد أحياء الإسكندرية، مشيرا إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة ومن المتوقع موجة من الزيادات الأخرى بعد زيادة تكلفة إنتاج المحصول الزراعي على الفلاح.

ولفت إلى أنهم من أكثر القطاعات تضررا في ظل تراجع الإقبال بشكل عام على أسواق الخضراوات والفاكهة نتيجة ارتفاع معدل التضخم في البلاد وتراجع الحالة الاقتصادية للمواطنين عموما، حسب تعبيره.

لا أرباح

وتأتي أزمة الفلكي وغيره من التجار في ظل إعلان مصانع الأسمدة تعليق الإنتاج وعدم الوفاء باحتياجات السوق بسبب وقف الحكومة إمدادها بالغاز الطبيعي خلال الآونة الأخيرة، في الوقت الذي زاد فيه الطلب على السماد من أجل المحاصيل الصيفية، مما أدى إلى رفع أسعار السماد في السوق الحرة .

وأشار   إلى أن كثيرا من المزارعين في ظل الغلاء الكبير واستغلال التجار للموقف لن يتمكنوا من جني أية أرباح مما اضطر البعض إلى تقليل تسميد المحاصيل نتيجة شح الأسمدة في السوق أو العجز عن توفير المال اللازم لشرائها بعد أن وصل سعر الطن إلى أكثر من 20 ألف جنيه (406.52 دولارات) في السوق الحرة.

ورغم الأزمة الحالية فالأسمدة تعتبر إحدى الصناعات الإستراتيجية المهمة في مصر، لأهميتها المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى عائداتها التصديرية الدولارية، فقد بلغ إجمالي الإنتاج المصري من الأسمدة عام 2023 ما يقرب من 8 ملايين طن نيتروجينية، و4 ملايين طن فوسفاتية".

وفي السياق طالب النائب خالد طنطاوي الحكومةَ بصفة عامة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بصفة خاصة بسرعة التدخل لإيجاد حلول عاجلة لأزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها، والعمل على سرعة حلها بخطوات وإجراءات وقرارات واضحة ومحددة.

وأكد طنطاوي، في سؤال توجه به إلى رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي -لتوجيهه إلى رئيس الوزراء ووزيرَي الزراعة واستصلاح الأراضي وقطاع الأعمال العام- أن أزمة الأسمدة أصبحت كل عام تتكرر، ولا بد من التدخل العاجل لضبط منظومة التوزيع بما يسهم في وصول الدعم لمستحقيه.

في المقابل، قال على عودة رئيس الجمعية العامة للائتمان الزراعي، إحدى الجهات الرئيسية لتوزيع الأسمدة -في تصريحات- إن الشركات الرئيسية لإنتاج الأسمدة في مصر هي أبو قير والمصرية وحلوان والإسكندرية وكيما وموبكو، وتلتزم جميعها بحصص مقررة لصالح الجمعية العامة للائتمان، تبلغ 156 ألف طن أسمدة شهريا، بالإضافة إلى كميات إضافية تلتزم بها شركات أصغر.

وأضاف عودة أنه مع توقف مصانع تلك الشركات -بسبب نقص إمدادات الغاز- تصاعدت أزمة نقص الأسمدة بالمحافظات، وهو ما أثر على الفلاحين والقطاع الزراعي بنسبة كبيرة، وتسبب في رفع الأسعار. إلا أن الأمور بدأت في التحسن مؤخرًا، إذ تسعى شركتا أبو قير وموبكو إلى الوفاء بجزء كبير من التزاماتهما مع مطلع الشهر المقبل.

انفراجة قريبة

ومن جانبه، وعد رئيس قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة الدكتور عباس الشناوي بانفراجه قريبة في ملف أزمة نقص الأسمدة، والناتجة عن انخفاض الكميات الواردة لجهات الاستلام بوزارة الزراعة، بسبب انخفاض كميات الغاز للمصانع خلال الفترة الماضية.

وأوضح الشناوي أن الوزارة تتحرى الدقة في توزيع الأسمدة المتاحة على أماكن الاختناقات، حيث توزع 6 آلاف طن يوميًا، مشيرًا إلى أنه رغم أن إجمالي الحصص المقرر توريدها من مصانع الأسمدة لجهات التوزيع 257 ألف طن شهريا فإن أقصى كمية وصلت بالفعل لم تتخط 110 آلاف طن في يونيو/حزيران الماضي.

موضوعات ذات صلة