الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

بيع قصر أتيليه الإسكندرية ينكأ جراح عشاق الفن والثقافة

كتب : here
بيع قصر أتيليه الإسكندرية ينكأ جراح عشاق الفن والثقافة


كتب – أحمد عبده:

منشور صغير عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ألقى بظلاله الكبيرة على الفنانين والمثقفين، وأثار جدلًا واسعًا وحزنًا في  مصر، حيث عرض ملاك قصر "أتيليه الإسكندرية" للبيع في هذا المنشور، وهو ما نكأ جراح الفنانين والمثقفين، وأعاد لهم ذكريات التاريخ الثقافي المبهر الذي شهدته أروقة القصر على مر العقود.

ويعد "الأتيليه" التابع لـ"جماعة الفنانين والكُتاب"، من أقدم الصروح الثقافية في مصر، الذي تأسس في عام 1935فى محافظة الإسكندرية شمالي مصر ويعتبره المثقفون والأدباء بمثابة هرم المدينة الثقافي، ، بعد أن ظل معقلًا للثقافة والتنوير بالمدينة وقلعة للأدباء والرسامين والنحاتين والشعراء والموسيقيين، على مدار قرابة 90 عامًا، حتى تمكن ملاكه الأصليون من استرداده عبر حكم قضائي نهائي واجب النفاذ، صدر في عام 2021.

وجاء نص المنشور كالتالي: "فيلا للبيع على مساحة 1800 متر في أرقى مناطق الإسكندرية، تقع في موقع مميز جدا في الحي اللاتيني بجانب المتحف الروماني، وعلى بعد خطوات قليلة من شارع فؤاد، تصلح سكنياً أو نشاط تجارياً، المبني على 900 متر، جاردن 900 متر، الفيلا تحتوي على دورين ورؤوف، 20 غرفة، و7 حمامات، ومطبخ، وبدروم"

المثقف والحكاء السكندري تامر صلاح، يقول لـ"العربي الجديد"، إن منشورًا صغيرًا على فيسبوك، قد يبدو غير مهم في الوهلة الأولى، ولكنه يحمل في طياته الكثير من المشاعر والذكريات للفنانين والمثقفين الذين شاركوا في رحلة أتيليه الإسكندرية الفريدة، إنه يذكرهم بإهالة التراب على تاريخ ثقافي مبهر عاشوه وغاصوا في أعماقه.

مثقفون اعتبروا  بيع القصر الذي كان مقرا للاتيلية صدمة وخسارة لمحبي الثقافة والفنون  حيث كان يعتبر مركزًا هامًا لتبادل الأفكار والإلهام، وشهد تجمع المثقفين والفنانين والمبدعين من جميع الأنواع والتخصصات، واستضاف ورش العمل الفنية والمعارض والعروض المسرحية والندوات وورش الكتابة، الى جانب مشاركته في المهرجانات الدولية وشكل محطة جذب لكل من يسعى للتعبير عن إبداعه ومشاركته مع الآخرين.

واشاروا الى القصر مسجل باعتباره أثرا إسلامي بالقرار الوزاري رقم 538 لسنة 1996، ومدرج بسجل مجلد الحفاظ على التراث وفقا لقانون الحفاظ على المباني التراثية ذات الطراز المعماري رقم 144 لسنة 2006 برقم كودي 1346 وعلى مدار عشرات السنين،

واكدوا  أن بيع القصر هو يوم حزين في تاريخ الإسكندرية الثقافي والفني، ويضع نقطة النهاية لمركز مهم للتبادل الثقافي والإبداعي بالمدينة بعد ان صدر مؤخرا حكم يقضي بإنهاء العلاقة الإيجارية بين الأتيليه ومُلّاك المبنى.

من جانبه اكد جابر بسيوني، رئيس اللجنة الثقافية السابق بالأتيلية، ورئيس النقابات الفرعية بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، إنه يشعر بخيبة أمل كبيرة لعرض القصر للبيع بعد سنوات طويلة كانت مقرا للأتيليه الذى تأسس عام 1934على يد محمد ناجي وجاستون زنانير و كانوا يستخدمونه كمقر لأنشطتهم الثقافية، مشيرا الى ان منشور عرضه للبيع أعاد إلى أذهان المثقفين وعود المسئولين بتوفير بديل  يليق بالثقافة السكندرية والتي لم تتحقق، على الرغم من مرور اكثر من عام على طرد فريقه من المبني الأثري وهوما  يعرضه للنسيان وطمس هويته وأهميته الثقافية.

واشار إلى أن نفس المصير واجه مركز الكتاب التابع لوزارة الثقافة، والموجود في شارع سعد زغلول، بعد إخلاء مقره وتسليمه لملاكه، وكأنه فيروس أصاب الحركة الثقافية التنويرية والأدبية في مصر، فيما لقى نفس المصير أيضاً دار الأدباء في بالقاهرة بعد غلقها وكذلك مجلة دار الأدباء ونادي القصة الموجود في القصر العينى، تم نزع ملكيته لصالح ملاكه.

"بسيوني"، أوضح أنهم استعادوا بعض المقتنيات الخاصة بالأتيلية،، ونُقِلَ بعذ منها إلى مقر الإدارة الحالي، ولكن لا يزال هناك بعض الأشياء المهمة محتجزة لدى الملاك، وأنهم لجأوا إلى منطقة آثار الإسكندرية للحصول على بقية مقتنياته التي ما زالت تحت يد ملاك القصر، مشيرًا إلى أن المقر الحالي الذي يستخدمونه غير ملائم لأنشطتهم الثقافية، إذ يتكون من شقة صغيرة في منطقة متواضعة، وهو ما يهدد مستقبل مسيرتهم الثقافية، وقد يؤدي إلى نسيانهم تمامًا.

وأكد أن القيمة الثقافية والتنويرية للقصر لا يمكن استبدالها، لذلك  يجب عدم التفريط  هذا المنبر التاريخي ، للحفاظ على البعد الثقافي والفني والفكري للمدينة,

وأضاف:  القصر او مقر الأتيليه كان يحمل في جدرانه المئات من القصص الثقافية الرائعة واللحظات الفنية المميزة التي لن تتكرر، وتسبب استرداده من قبل ملاكه ثم عرضه للبيع، في حزن عميق، وفتح المجال للسؤال عن مستقبل الثقافة والفن في المدينة، والخطوات المطلوبة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي العظيم، وهل سيجد الفنانون والمثقفون مكانًا آخر يستطيعون فيه التعبير عن إبداعاتهم والتواصل مع بعضهم البعض.

وطالب بضرورة تدخل الدولة لتوفير مقر ملائم  لاستمرار انشطة "أتيليه الإسكندرية" الذي يسبق في إنشائه "أتيليه القاهرة" بنحو 20 عاما ودعم دوره الهام في دعم المواهب الشابة وتشجيع الفنانين الناشئين، والذي سوف نفتقده كثيرًا، بعد ان تسبب غياب مقر مناسب في التأثير السلبي على الحركة الثقافية بشكل عام، ووقف مساهمات المثقفين في تطوير العقول ودعم الحركة الثقافية في المدينة.

 

 

موضوعات ذات صلة